اهتمام الدولة بالتراث
يهتم جلالة السلطان المعظم وحكومته الرشيدة اهتماما بالغا بالتراث العماني، حيث تم تخصيص عام 1994 عاما وطنيا للتراث كما ان النظام الاساسي للدولة ينص على ان ترعى الدولة التراث الوطني وتحافظ عليه .
وتمتلك السلطنة العديد من المواقع الاثرية ذات الأهمية الكبيرة ليس فقط على الصعيد العماني ولكن على الصعيد العالمي ايضا ,وقد تم تسجيل العديد من المواقع الاثرية العمانية ضمن قائمة التراث العالمي لأهميتها على المستوى الحضاري للبشرية , وقد ادرجت اليونسكو نظام الافلاج العمانية الى قائمة التراث العالمي باعتباره جزءا اصيلا من نسيج حياة المجتمع العماني ومن اهم الموروثات الحضارية العمانية التي تعبر عن قدرة الانسان العماني على مواجهة التحديات سعيا لبناء الحضارة واثراء التراث الانساني فكرا وعملا وابداعا حسبما اشار جلالة السلطان المعظم في كلمته التي وجهها الى الدورة 23 للمؤتمر العام لليونسكو في اكتوبر 2005 , ومن العروف ان السلطنة عضو في لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو .
وعمان هي كنز للفنون التقليدية والشعبية ومن خلال الفنون المختلفة يعبر الانسان العماني عن ذاته ومورثاته وأنماط حياة الآباء والاجداد., ونحن نجد ان الفنون الشعبية في كل ولايات السلطنة تعبر عن خصوصية المكان والإنسان. كما أنها تقوي روح الجماعة والتماسك الوجداني والفني لمجموع الشعب العماني. واهم شيئ هو ان العمانيين ما زالوا متمسكين بممارسة هذه الفنون في المناسبات المختلفة.
تعتبر القلاع والحصون والابراج والاسوار والبيوت والمساجد الاثرية , التي تقف شامخة في كل محافظات ومناطق وولايات السلطنة , من ابرز شواهد التاريخ العماني فهي تجسد جانبا من عظمة الشعب العماني واسهامه الكبير في الحضارة الانسانية وذلك في ضوء أهميتها التاريخية والثقافية والهندسية والمعمارية والدفاعية والحياتية ايضا , وتمثل براعة فن وهـندسة البناء العمانية وتـفاعلها التام مع احتياجات الانسان العماني الاجتماعية والدفاعية وخبرته بالفنون المعمارية منذ مراحل تاريخية مبكرة , وقد تم ادراج عدد من الحصون والقلاع العمانية ضمن قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو لاهميتها وقيمتها الاثرية والتاريخية ومنها على سبيل المثال قلعة بهلاء وحصن جبرين.
والى جانب اجراء العديد من الدراسات والبحوث التاريخية توثيقا لهذه الاثار العريقة ,فانه يتم كذلك ترميم القلاع والحصون والابراج بأساليب علمية وبمشاركة كوادر عمانية مدربة جيدا , وذلك حفاظا عليها وتسهيلا لزيارتها والاستفادة بها . وذلك ضمن خطة متـكاملة وعلى نحو يعيد هذه الكنوز الحضارية إلى حالتها التي كانت عليها وباستخدام نفس الأدوات والمواد التي بنيت بها منذ مئـات السنين وتدريب كوادر وطنية متخصصة للقيام بذلك بمساعدة خبرات من الدول الشقيقة والصديقة.
جدير بالذكر ان مسوحا اثرية تجري في صحراء الحقف الرملية بالمنطقة الوسطى وذلك بالتعاون مع فريق أمريكي من جامعة تكساس الأمريكية و للبحث عن الأدوات الحجرية التي تنتمي للحضارة الآشورية، للقيام بدراسة حول هجرة الإنسان الأول من أفريقيا لآسيا مرورا بعمان حين كانت أفريقيا وآسيا متصلين بجسر من اليابسة نتيجة لعدم تكون أخدود البحر الأحمر في ذلك الزمن., كما تجري اعمال تنقيب اخرى في عديد من المواقع االأثرية , منها حفريات في حصن الحزم بالرستاق ومدفنة قرية صفرى بولاية ينقل ومدفنة حي العزيزي بولاية ضنك , وعدد من المدافن في بوشر , وكذلك مجموعة من المدافن في قرية محلياء بولاية المضيبي , وتجدر الاشارة الى انه تم العثور على كنز اثري في قرية سعال بولاية نزوى يتمثل في جرة فخارية عثر عليها في جدار احدى الغرف بمنزل طيني وقد حوت الجرة (456) عملة فضية من نوع الدراهم ومكتوب عليها تواريخ هجرية مختلفة .
وفي مجال التنقيبات الأثرية تتواصل الأعمال الأثرية من اجل الحصول على صورة متكاملة للتطور الحضاري في الجزء الشرقي من السلطنة المتمثل في منطقة جعلان خلال الفترة الممتدة من عصر الهولوسين "بداية الألف السابع قبل الميلاد" وحتى مجيء الإسلام، وقد تم التركيز على تطور التجارة البحرية في فترة النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد في ثلاثة مواقع هي: "راس الحد وراس الجنز والسويح".
دار المخطوطات والوثائق:
تعتبر دار المخطوطات والوثائق بوزارة التراث والثقافة من أشهر المكتبات الثقافية التي تضم في جنباتها 4300 مخطوط ووثيقة عمانية التي تشكل ثروة فكرية وتاريخية فريدة بالنسبة للاسهام العماني في الحضارة الانسانية , وبينما تقوم وزارة التراث والثقافة بصيانة هذه المخطوطات والوثائق والحفاظ عليها بطرق واساليب علمية متطورة , واعداد واصدار فهارس علمية مصنفة ومبوبة لها بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس ونشرها على موقع وزارة التراث والثقافة على شبكة المعلومات العالمية - الانترنت - فانه يتم العمل على الحصول على الوثائق العمانية الموجودة في الخارج , وقد تم الحصول مؤخرا على عدد من الوثائق من روسيا الاتحادية , وتم تطوير اساليب العمل والعرض في دار المخطوطات والوثائق العمانية وتشجيع المواطنين ممن لديهم وثائق او مخطوطات عمانية لتقديمها الى الدار للحفاظ عليها ولتيسير الاستفادة العلمية منها كذلك .
يمثـل الحفاظ على التراث العماني الاصيل ركيزة اساسية للدولة العصرية وملحما من الملامح المميزة للمجتمع العماني باعتبار ان التراث عنصر اساسي في تشكيل الهوية الوطنية . ويشكل الاهتمام العميق والمتواصل بالحرف التقليدية امتدادا للعناية بالتراث العماني بوجه عام , ومن ثم اهـتمت الحكـومة بـتـشجـيـع القـائمين على هذه الحرف وتطوير مهاراتهم في ظـل الحفـاظ على طبيعة وسمات تـلك الحرف التي تميزت بها دائمـا. وفي هـذا المجـال تـقـوم الـدولـة بشراء انـتـاجـهم الحرفي وتـنظيم المعارض داخـل وخـارج السلطنـة لابراز الموروث الحضاري العماني , وتمثل عملية تسجيل وتوثيق الصناعات الحرفية في كل مناطق وولايات السلطنة خطوة ضرورية للحفاظ على هذه الصناعات والعناية بالعاملين فيها , فان ندوة "حماية الصناعات الحرفية " التي عقدت في فبراير 2005 شكلت ركيزة هامة لبلورة استراتيجية وطنية للنهوض بالحرف التقليدية وبالصناعات الحرفية خاصة وانها اصبحت احد عناصر الجذب السياحي عبر الاسهام في كثير من المعارض التي يتم تنظيمها داخل السلطنة وخارجها . ومن المعروف انـه يوجد مصنعان أحدهما في بهلاء والأخر في سمائل لانتاج مواد الحرف التـقـليديـة التي يحـرص كثير من السائحين والمواطنين على اقتـنائها كمـا توجد مراكز للتدريب على هذه الحرف في صور وبهلاء وسمائل تحظى باقبال متزايد من قبل الشباب خاصة وانه تم تطويرها بالتعاون مع منظمة اليونسكو.
واستكمالا لمنظومة التراث العماني الثري - تمثـل المتاحف العمانية بمقتـنياتها العديدة المتـنوعة والنادرة من الآثار، صفحات رائعة من التاريخ العماني الذي يجسد حضارة الشعب العماني ودوره الكبير في الحضارة الإنسانية عبر العصور. وهناك عشرة متاحف في السلطنة الى جانب المتحفين الجديدين اللذين تم افتتاحهما وهما متحف ارض اللبان ومتحف الاسلحة التقليدية , والمتاحف العشرة هي : المتحف العماني , والمتحف الوطني ومتحف التريخ الطبيعي.ومتحف قوات السلطان المسلحة ومتحف الطفل ومتحف قلعة صحار ومتحف صلالة والمتحف العماني الفرنسي ومتحف قلعة نخل ومتحف بيت الزبير .